الدكتور محمد الصغير بن العرباي (1850-1939)  ضمن ‘’سلسلة اعلام الجزائر النبلاء من معالجين شعبيين واطباء’’للاستاذ حميدي محمد

الدكتور محمد الصغير بن العرباي (1850-1939)                                                                                                                                                

 ضمن ‘’سلسلة اعلام الجزائر النبلاء من معالجين شعبيين واطباء’’                                                                                                                                     بقلم الاستاذمحمد حميدي                                                                                                                                                                                    ضمن ‘’سلسلة اعلام الجزائر النبلاء من معالجين شعبيين واطباء’’ والتي نامل ان تكون سببا في اظهار تاريخنا وتراثنا العريق في مجال الطب الشعبي والعلاج بالأعشاب وايضا التعريف بالشخصيات التي يقتدى بها نقدم لكم ترجمة لاحد اعلام وحداق اطبائها واول من حاز على رتبة دكتور في الطب في الحقبة الاستعمارية الا وهو الدكتور محمد الصغير بن العرباي طبيب وجراح ومعالج بالأعشاب جزائري و رجل ذو مواقف عظيمة في حياته والتي لم تذكر بعد مماته ولم يترجم له كما يستحق فأخذنا على عاتقنا وحسب بضاعتنا المزجاة ومع قلة وندرة المراجع وقلتها مسؤولية البحث والتنقيب الى ان جمعنا ما استطعنا من معلومات حول هذه الشخصية معتمدين على كتاب تاريخ الجزائر العام لعبد الرحمان الجلالي وشهاداته الشخصية بما انه من من عاصره وشهادات عائلة بن العرباي في بعض الجرائد ..                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  

اسمه ونسبه 

محمد الصغير بن العرباي الطبيب الجزائري وقد ترجم له الشيخ عبد الرحمان الجلالي(1) رحمه الله ب محمد بن العربي بدون مد ولم يذكر كلمة الصغير  مع انها جاءت في نسخة مذكرة تخرجه بالفرنسية واضحة ولعلها كنية تكني بها بسبب وجود اخيه الاكبر الدي كان يسمى بمحمد الاول .

و يرجع نسبه الى عائلة تركية الاصل حسبما أظهرت و اكدت البحوث التي قام بها الحفيد الاصغر أمحمد بن العرباي حرفي مهتم بالبحث عن تاريخ جده الاكبر و التي بدأها سنة 1992 عندما اتصلت مديرية التربية لولاية تيبازة بالعائلة قصد أطلاق اسم الدكتور ابن العرباي على إكماليه بشرشال و في سنة 2004 سافر الحفيد أمحمد الى تركيا اين زار قصر بن العرباي الذي حولته السلطات التركية الى متحف تاريخي حيث وجد ان العائلة تعود سلالتها الى الخليفة الاسلامي الحاكم.

مولده 

ولد في شهر محرم 1270ه – 3 أكتوبر 1853م , بمدينة شرشال بالساحل الجزائري.

 أسرته : 

هو أحد الاخوة الثلاثة أكبرهم محمد الاول ثم قدور الطبيب ومحمد الثاني وهو المترجم له هنا  و له ابناء منهم رشيد ابن العرباي واحفاد منهم سليمان و أمحمد بن العرباي في العقد الرابع من عمره .

وصفه  

كان رجلا متوسط القامة اشتهر بلباسه التقليدي العربي وقد ذكر الشيخ عبد الرحمان الجيلالي رحمه الله قائلا ...و كثيرا ما راينا علماء الغرب يعجبون حين يرون شخص الدكتور محمد بن العربي و هو في هيئته و زيه الجزائري العربي التقليدي المتواضع هكذا بقلنسوة و عمامة و برنس و عباءة وتارة يرتدي الكبوت (بتشديد الباء) و ينتعل الخف او البلغة

سيرته الدراسية وطلبه للعلم 

ابتدأ دراسته بمسقط رأسه شرشال، إلى أن بلغ السنة العاشرة من عمره، انتقل إلى العاصمة، فالتحق بصف تلاميذ المكتب أو المدرسة الابتدائية التي أسسها نابليون الثالث، خصيصا لأبناء الأهالي، فمكث بها طوال أيام الدراسة المقررة، إلى أن حاز شهادتها ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية، فقضى بها كذاك مدة، إلى أن نال إجازتها، ويومئذ اختار لنفسه طريق الجامعة ودخل سلك كلية الطب بالجزائر، ومنها انتقل إلى باريس فأتم بجامعتها دراسته الطبية، وحاز منها الشهادة بمذكرة تخرج الحاملة لرقم 291 المؤرخة سنة 1884 وحملت عنوان “الطب العربي في الجزائر”.

وكان يحظر دروس الشيخ عبد الحليم بن سماية(2) رحمه الله التي كان يلقيها بالجامع الجديد بالعاصمة كما جاء في تاريخ الجزائر العام ... فكان يحضر معنا دروس شيخنا عبد الحليم بن سماية التي كان يلقيها بالجامع الجديد بالعاصمة وتارة نراه يبحث معنا و يسال الشيخ و يناقش على سبيل الاستفادة و الاستزادة من العلم و استمر على سيرته متمسكا بإسلامه مدافعا عن دينه الى ان اقعده الشيخوخة و اعجزه الهرم

أخلاقه وثناء العلماء عليه 

كتب الشيخ محمد سعيد الزاهري(3) في مجلة المقتطف المصرية 19 جمادى الاولى 1348ه ان الشيخ كان من اشد الناس تواضعا و زهدا فيما يرغب فيه الناس و يتهالكون عليه من الشهرة و الجاه وهو موضع ثقة الناس و احترامهم و قد بلغ من احترام العلماء لمواهب الشيخ و فضله  ان كان  شاعر فرنسا فيكتور هيجو(4) وهو شيخ كبير يجالسه وهو  لا زال طالبا في كلية الطب بباريس و كان حديثه شيق و جذاب يشوقك يستهويك حديثه كله صادق و صراحة و اخلاص لان حديثه كله متواضع لا انانية فيه... وقال عنه الشيخ عبد الرحمان الجيلالي الجميع يشهد بطيبته وحبه للضيوف إن شاء الله يمكن أن يكون قدوة للأطباء، لأننا رأينا منه الخير قولا وعملا”.

قال عنه الشيخ عبد الرحمان الجيلالي أنه ما دخل بلدة الا وتعلق به اهلها وأحلوه بينهم المنزلة اللائقة بمقامه.

كما اثنى عليه في خطبته الشيخ محمد بوقندورة(5) مفتي الحنفية بالعاصمة وعرف بمنزلته و حث الناس على مؤازرته و تنشيطه وذكر حفيده ان الدكتور لم يكن متكبرا ولا متعال بل وعلى العكس فقد منحه تواضعه شعبية واسعة حيث كان يعامل الجميع بنفس الاسلوب لا يفرق بين الغني ولا الفقير و أفني وقته وماله في سبيل مساندة المواطنين الجزائريين غي القضايا السياسية و كان يشرف شخصيا على علاجهم و دون مقابل في معظم الاحيان

مؤلفاته 

لم نجد دكر لمؤلفاته الا مذكرته المشهورة التي ناقشها بفرنسا يوم 17سبتمبر 1884تحت عنوان الطب العربي بعمالة الجزائر بالفرنسية حيث احتوت مسألة أقصى أمد الحمل، والأمراض المنتشرة في بلاد البحر الأبيض المتوسط وخاصة الجزائر، حيث تعرض في ذلك إلى ذكر العلاج بالطريقة التقليدية، ثم بالطريقة العصرية على ضوء الاكتشافات الحديثة.والتي ترجمها الى العربية علي بوشوشة وطبعت في تونس سنة 1309ه1891م وقرضتها مجلة الجراحة والطب التي تصدر بباريس وأثنى عليها العلماء

رحلته: 

بعد سفره الاول المعروف و الذي كان الى باريس بفرنسا لإتمام دراسته في الطب, سافر محمد بن العرباي الى بلاد الاندلس كما ذكر عبد الرحمان الجيلاني رحمه الله ...وفي سنة 1300ه الموافق ل 1883م لبى داعيها و عقد رحلته الى بلاد الاندلس مستطلع جميع معالمها الاسلامية و هناك جدد اسلامه كما يقول... وعرف عن الشيخ انه كان كثير الترحال حيث انه كان يتعاطى الاشتغال بمهنته في نواحي مختلفة من القطر الجزائري كما جاء في كتاب تاريخ الجزائر العام لعبد الرحمان الجيلاني .

وظائفه ونشاطاته: 

عرف للدكتور محمد الصغير بن العرباي نشاط كبير  فعلى غرار ممارسته للطب و الجراحة في عيادته الموجودة بزوج عيون بساحة الشهداء و معاينته للمرضى خاصة ما تعلق بعمليات جراحة الاعصاب و العمليات الجراحية الدقيقة كان يشرف على حديقة خاصة لزراعة الاعشاب الطبية كان يمتلكها حيث كان يستخلص من هذه الاعشاب الطبية مواد يستعملها للصناعة الصيدلانية ومن بين وظائفه ايضا نائبا بالمجلس البلدي  حيث انتخب بالاجماع سنة 1888م و بقي في هذا المنصب لعدة سنوات .

مواقفه : 

دفاعه وتصلبه اتجاه مشروع هدم المسجدين الكبير والجديد بالعاصمة حيث ذكر عبد الرحمان الجيلاني في كتابه تاريخ الجزائر العام...وكانت له مواقف مشرفة فيه, منها دفاعه و تصلبه اتجاه تخطيط الحكومة الفرنسية لتحطيم الجامعين الكبير و الجديد بالعاصمة لتشييد فندقين عظيمين في مكانهما وهو المعروف بمشروع دورودون المهندس الفرنسي , وكان هذا نائبا بجميع المجالس و تقرر تنفيذ بأمر الوالي العام ,فقام المترجم ضد تنفيذه ووقف الى جانب السلك الديني في الاحتجاج ضد هذا المشروع حتى اسقطه و قضى عليه .

ووقف ايضا ضد الغاء المحاكم الشرعية ,حين عزمت الدولة الفرنسية سنة 1309ه-1891م على سلب الشعب الجزائري حياته المعنوية و الروحية بتجريده من شخصيته و قومتيه ,و تقاليده  الاسلامية و بقية الباقية من احكامه الشرعية بحذف المحاكم الشرعية و تعويضها بمحاكم صلح يرأسها قضاة غير مسلمين ’ فاحدث الدكتور ضجة في الصحافة و في المجالس النيابية استنكارا لهذا الحدث, اضطرب لها البرلمان الفرنسي فتشكلت منه لجنة برئاسة السياسي الشهير "جول فيري'' للبحث في الموضوع وكان فيما قررته هذه اللجنة اجراء استفتاء لدى نواب الجزائر المسلمين في ثمانية عشر مادة هي : المعارف-الاحكام العدلية الاسلامية ومحاكمها –المجابي و الضرائب- اعانة الفقراء و المساكين-الملك المشاع و تأسيس الملكية-أخذ الملك للمصلحة العامة –اخذ الجار بذنب الجار-القوانين الجزرية-التجنيد-التجنيس-الانتخابات العمومية-مجلس الشورى العام-المجلس الاعلى-النيابة الاهلية في البرلمان-المجلس الجنائي-

الغابات-الربا-وظيفة الوالي العام. و بعد نظر نواب الجزائر في الامر قرروا فيما بينهم اسناد الجواب عن هده المهمة الى الدكتور محمد بن العربي, فتحمل ممنونا بهذه المسؤولية العظمى مشترطا في ذلك ان يكون هو بنفسه مباشرا لتبلغ الجواب شفهيا .    

حنكته في مجال المداواة والطب 

كان الدكتور محمد بن العرباي متمكنا في مجال الطب و الجراحة وكدا الطب التقليدي العربي بالأعشاب الطبية حيث كان يعرف عنه قصص كثيرة في المداواة من حالات مستعصية ويدكر حفيده امحمد بن العرباي العديد من الروايات التي سمعها من والده, و حدثت مع جده الطبيب ,من بينها اصابة عقيد في الجيش الفرنسي بمرض خطير في رجله ادي الى تعفنها ,الامر الذي جعل الاطباء الفرنسيين يجمعون على ضرورة بترها , غير أن الطبيب ابن العرباي المشهور في أوساط الجميع أكد امكانية علاجه, و هو ما حير زملائه في المهنة من الفرنسسين,الدكتور الذي رفع التحدي تمكن من معالجة ساق العقيد باستعمال الاعشاب الطبية و داواه بالعلاج الطبيعي ,على غرار العسل و الدود, وهي الطريقة التي ادهشت الاطباء الفرنسيين و كانت النتيجة الشفاء و عودة الكولونيل للسير على رجليه من جديد.

وفاته 

...أعجزه الهرم فلازم بيته بضاحية بوزريعة من العاصمة الى ان وافاه اجله المحتوم... انتقل الى رحمة الله وفضل عفوه ليلة السبت 6رمضان 1358ه الموافق ل20اكتوبر 1939م ودفن من الغد بمقبرة القطار.


  • 1)عبد الرحمن بن محمد الجيلالي الحسني (1908-2010) مؤرخ وأديب ومفكر جزائري عصامي من أشهر مؤلفاته تاريخ الجزائر العام  كان عضوا في المجلس الاسلامي الاعلى و عضو لجنة الافتاء . كرمته جامعة الجزائر الشيخ عبد الرحمان الجيلالي بمنحه شهادة دكتوراه فخرية. انظر ترجمته في مقال بعنوان الشيخ عبد الرحمان الجيلالي: ذاكرة الأمة بقلم أد. مولود عويمر .موقع مجلة البصائر الأربعاء 6 صفر 1437ﻫ,. تاريخ الاطلاع 19/08/2017.
  • 2)الشيخ عبدالحليم بن سماية (1866-1933) كان مدرسا بالمدرسة الرسمية الثعالبية، ثم بالجامع الكبير في عام 1900 وكان مهتما بالفلسفة و المنطق والشعر . انظر صفحة من حياة الشيخ عبد الحليم بن سماية        د. مولود عويمر على موقع أدباء الشام . تاريخ الاطلاع 19/08/2017.
  • 3)محمد السعيد الزاهري بن البشير بن علي بن ناجي. (1899م-1956م) من بلدة (ليانة) بالزاب الشرقي، ولاية بسكرة . من مؤسسي جمعية العلماء المسلمين ورئيسا لبعض جرائدها من أشهر مؤلفاته السنة و النساء الجزائريات . أنظر  الترجمة: من مقدمة رسالة "اعترافاتُ ..." (ص:22،ط- دار مروة بالجزائر ) بقلم: الشَّيخ أبو وائل سمير محمد ناصر مرابيع حفظه الله. 
  • 4)فيكتور ماري هوغو (1802- 1885) كانأديباو شاعراوروائيا فرنسيا، يُعتَبر من أبرز أدباء فرنسا من أشهر رواياته البؤساء – المترجم-،

 5)الشيخ محمد بوقندورة مفتي الحنفية بالعاصمة هكذا ذكره الشيخ عبد الرحمان الجيلاني بدون ترجمة في كتابه تاريخ الجزائر العام ص332 .ج5. طبعة دار الامة

قائمة المراجع

- عبد الرحمان الجيلالي , تاريخ الجزائر العام , ج5,طبعة دار الامة ,الجزائر,سنة2009, عدد الصفحات .

- حميدي محمد, سلسلة "أعلام الجزائر النبلاء من معالجين شعبيين وأطباء '', الدكتور محمد الصغير بن العرباي (1850-1939), مجلة المداوي الالكترونية {أنترنت}

- أ.د مولود عويمر , الشيخ عبد الرحمان الجيلالي: ذاكرة الأمة {أنترنت} http://www.oulamadz.org

 

تم عمل هذا الموقع بواسطة